
الفصل السادس
اقدر أشوف اللي حصل بوضوح.

الحياة المتعرجة

قصة سيدنا إدريس عليه السلام

حارس الجثث الذي باع روحه للأموات…قصة مشوقة
جنب بلد ما… وعلى اليمين في مدخل القرية، طريق مليان تراب، أول الطريق جسر صغير وبعد كده شارع صعب جداً، في ساقية مهجورة، جنبها كلب هزيل مريض، فاتحة صغيرة ما بين بيتين من الطين، في المكان ده تقدر تشوف الجسم وهو متغطي بالقش، بس قريب الرياح هتشيل القش.
مدام عبير بتبصلي مستنياني أتكلم، وجنبها أخوها أستاذ محمد مستني اللي هشوفه، هما الإثنين عندهم قلق شديد لدرجة إنهم مش قادرين يشربوا الشاي اللي أمي قدمتهلهم.
كان يوم طبيعي لغاية ما أتصل عليا بالليل النقيب سعيد وطلب مساعدتي، وقالي إن هما هيجولي.
رديت عليه بغضب: أنا عاوزة أساعد الناس بس مش حابه إني أعيش دور الساحرة ولا المشعوزة.
يعتذرلي النقيب سعيد ويقول: إحنا محتاجين جداً إنك تقابليهم، فكري في المنفعة اللي هتقدمهالهم والثواب اللي هتاخديه.
تبدأ حالة من الهرج والمرج في البيت إحنا ما بيزورناش ضيوف وقت ما بابا بيكون مسافر، نوع من الهدوء أول ما شوفت الضيوف، ست محجبة باين عليها الأحترام، والراجل شبهها أكيد أخوها، أول ما سلمت عليها شفت اللي حصل، جسم مضروب في راسه في مكان مليان تراب فوقية قش، أنا مش عارفه الجسم ده لمين! ولا ليه أنا بشوفه! يمكن يكون ديه الحاجة اللي جايه الست عشان تسألني عنها.
زي ما بقول على طول إن الحاسة المميزة اللي عندي ما بقدرش أتحكم فيها.
ممكن المشهد اللي شفته يكون إجابة سؤال الست، أو يكون المشهد ده في دماغها في عقلها الباطن، أو تكون الست شافت المشهد ده بعنيها، دايماً الحاسة المميزة اللي عندي بتبقى ما بين قرايه الأفكار، والحدث، وطبعاً حط عليهم الجزء اللي بيضيفه خيالي في بعض الأوقات.
الست الضيفة: جوزي عماد زكي، شغال في شركة كبيرة، كان معاه شنطة مليانة فلوس، سافر بيها وما رجعش، بحثنا في كل حته.
الأخ: نقدر نتوقع اللي حصل، بس ما نقدرش نقول.
الضيفة: بقالنا أسبوع جربنا كل حاجة عشان نلاقيه ما لقيناهوش.
وتكمل الضيفة: جربنا كل طريق عارفه العلم، وعشان كده جيه في دماغنا نجرب طرق تانية.
ده معناه إن أنا الطريقة الثانية اللي ميعرفهاش العلم، أنا مختلفش كتير عن الشيخ شحرور، اللي بيشغل البخور ويستدعي شمندور، ديه حاجة تغيظ.
كل اللي أنا أعرفه ومتأكده منه إن أنا ظاهرة علمية بس لسه مكتشفتش ومتدرستش كويس، مفيش هنا أي سحر ولا شمندر.
تمسك الضيفة إيدي وتضغط عليها وتترجاني.
كانت أمي واقفة وكانت بدأت تتعود على الأمور ديه، بس في نفس الوقت هي مش مصدقة أي حاجة منها، كانت عرفت إن البوليس بيجي يطلب مني مساعدته، بقى يعتبر ديه حاجة عادية في حياتي.
أبص للضيفة، شايفة الدم اللي نازل من الجسم، سامعه صوت الذباب، مش قادرة أعرف فين المكان، شفت الجسم وإزاي إتخلص منه المجرم بس مش عارفة فين.
انا عرفت الإجابة لسؤالك بس مش هقدر أتكلم.
الضيفة بدموع: أرجوكي.. قوليلي إيه اللي حصل لزوجي؟
تكمل الضيفة: قالولنا إنك لو لمستي حاجة تخصه ممكن إن الموضوع ده يساعدك.
يطلع أخوها من جيبه حاجات ويقول: ديه ساعته والتليفون بتاعه.
لمست التليفون والساعة، للأسف أنا شايفه جسم دماغ متهشمة، في الوقت اللي أنا بتكلم فيه ده، في كلب بيقرب منها، بيدور وسط القش، أنا دلوقتي شايفة عربية، عربية لونها أسود، واقفة في مجموعة أشجار كثير يمكن المكان يكون عزبة، أبواب العربية مفتوحة، التراب مغطيها كلها، في من بعيد جرار بيتحرك.
مش هأقدر أتكلم… مش هأقدر أقول أي حاجة…
الضيفة: هاه يا آنسة هالة.. شفتي حاجة؟
قلت في توتر: الأمر مش بالسهولة ديه، كنت محتاجة إنك تديني وقت.
بس للأسف انا شايفة الموضوع بسهولة، شايفة الكلب دلوقتي بيشيل القش عن الجسم، بدأت أشوف الوش، عينين جاحظة، الراجل ده عنده 50 سنة، عنده شنب كثيف، الكلب بيقرب.
اه لو عرفت الضيفة إيه اللي بيحصل دلوقتى فى اللحظة ديه؟..
أنا شايفة مدخل الطريق، مكان صعب إن الشرطة تقدر إنها توصله، في أماكن كتير أوي شبها في كل قرى مصر، مش قادرة أشوف أى علامة مميزة… حاولي تركزى.. العربية بتاعته بابها مفتوح، إزاي صاحب الجرار مش شايفها؟ إزاي مش واخد باله منها؟ إلا لو كان هو عارف… عارف هي ليه موجودة هنا.
صوت بيتردد في دماغي، كفر الزيات، هو ده المكان.
بسرعه قلت بصوت عالي: كفر الزيات عربيته هناك.
بصيتلي الضيفة في صدمة وبصيت لأخوها وقالت: ديه القرية بتاعته، وفي عزبة هناك لأهله، مين اللي هياخد عربيته ويوديها في قريته يخبيها هناك؟
أكيد أنا مش بيتهيألي، أنا كنت أعرف إسم القرية بتاعته منين!
أخوها: البوليس سأل عنه هناك.
لو حصل حاجة لزوجها أكيد ده آخر مكان المجرم يخبي الجسم والعربية هناك في قريته، بس هو ده اللي أنا شفته.
جت في دماغي فكرة قلت: إنتي معاكي صورة لزوجك.
حركة الزوجة راسها بمعنى أيوه، بدأت تدور في شنطتها خرجت صورة صغيرة، شاب في الثلاثينات شكله جميل، ما يشبهش أبدا شكل الراجل اللي أنا شفته، مسكت الصورة حاولت إني أفكر أكتر.
أنا شايفة مكان واسع، فيه ناس كتير أوي، حالة قلق، سامعة صوت ست بتتكلم باللغة الانجليزية، صوت محركات ضخمة، وحاولي تركزي ياهالة…ده مطار.
أقوم بسرعة وأجري على سماعة التليفون، والضيفين اللي موجودين بيبصولي بدهشة وذهول.
أتصلت على النقيب سعيد اللي يبدأ يسألني عن أحوالي وأخباري مع الضيفين، أتكلمت بعصبية وقولتله يتصل على المطار.
قلت بسرعة و بعصبية: الراجل المختفي عماد زكي، موجود دلوقتي في المطار، هيسافر ويسيب البلد، لازم تمنعه إنه يسافر.
النقيب سعيد: إنتي بتقولي إن هو عايش؟
أرد بسرعة: عايش ومجرم، هو أختفى وأخذ الفلوس اللي كانت في الشنطة، كل ده مع ترتيبات مع شريك ليه، اللي أختلف معاه وأنهى حياته، وخبي الجسم، في حته قريبة من القرية بتاعته كفر الزيات، أنا عارفة المكان كويس اللي حط فيه الجسم، واللي زمان الكلاب دلوقتي بتمحي ملامحه، وحط العربية ما بين أشجار في عزبة، في مكان محدش يعرف يوصله، وإدى فلوس للحارس هناك عشان ما يتكلمش عنها.
قلت في عصبية: مفيش وقت للشرح إتصل دلوقتي بالمطار، بلغ بصورته مش بإسمه، لأنه معاه جواز سفر مزور، واللي متأكدة منه إن شنطتة مليانة فلوس.
النقيب سعيد: تمام.. تمام.
قفلت التليفون ولفيت للزوجة وأخوها، اللي كانوا مصدومين و مذهولين مش قادرين إنهم ينطقوا، هما سمعوا كل حاجة.
أنا متأكدة إني صح، أقدر أوصل الشرطة لمكان الجسم، بس مش هقدر بأي طريقة أخفف الصدمة على الزوجة، اللي كانت من لحظات متخيلة إنها فقدت زوجها وحبيبها المخلص، اللي فجأة تكتشف إنه حرامي ومجرم وخاين.
ولو مكانتش جاتلي النهاردة مخصوص، كان قدر يهرب بره البلد، ويعيش حياة سعيدة في بلد جديدة وحياة جديدة، وتفضل الزوجة تعيش على ذكرى وهي خدت لقب أرملة.
الحقيقة صعبة، بس هي أرحم بكتير من إنها تعيش مخدوعة مع راجل زي ده، أو إنها تكمل حياتها غرقانة في أوهام مش حقيقية، أنا فاهمة ده كويس، بس الزوجة مش هتقدر تفهم ده إلا مع الوقت.
في يوم تاني
بيحصل إن بيجي أوقات برجع فيها إنسانه طبيعية، وأعيش حياتي، وأنجح في دراستي، وأهتم باللي بتهتم بيه كل البنات.
في ناس كثير بتتخيل لما يكون الشخص عنده موهبة ديه حاجة جميلة وفظيعة، لكن ده مش صح لما بيكون عندك موهبة بتكون هي طريقك للوحدة والأختلاف، للأسف هتتعلم إنك ما تثقش بحد، لأنك وقتها هتعرف عنهم حاجات كثير، طول الوقت هتتلقى معلومات وإرسالات من كل حاجة حواليك.
المشكلة دلوقتي إزاي الشخص ده هيتجوز؟ إزاي هيقدر يثق في شخص بيعرف يقرأ أفكاره.
في أوقات كثير عدم المعرفة بتكون نعمة كبيرة، عمرك تخيلت إن يكون في شخص قادر يشوف الناس من غير لبس، حاجة صعبة جداً، أنا بقى بشوف الناس من جوه من غير أي زيف أو تظاهر، بشوف الحقيقية بس.
الفترة ديه أقدر أقول ان الحاسة المميزه اللي عندي زي ما بسميها الحاسة السادسة متراجعة جداً، مبقتش تظهر بشكل كبير، حتى إني دخلت إمتحان نص السنة وما شفتش الأسئلة اللي بتفضل تظهرلي على طول.
بعيش حياتي ويومي بشكل طبيعي، أخرج، أتكلم مع أختي، أتفرج على التلفزيون، أخرج ألف على المحلات، بعد كده أرجع البيت، وأنام بهدوء.
بابا هيرجع بعد أسبوع، يعني الدفء والتجمع الأسري هيرجع، وجود الراجل في البيت أمر مهم، هيرجع بابا ويقعد معانا، ويقعد في الصاله ويطلب مني قهوة وهعملهاله بإيدي.
في اليوم ده رجعت من بره على الظهر دخلت أوضتي، أوضتي بسيطة زيها زي أي اوضة بنت، مجموعة من الصور على الحيطة، شوية دباديب، رتبت أوضتي لإني كنت مستعجلة الصبح وما قدرتش إني أرتبها…..
في حاجه غريبة أنا حاسة بيها، أيوه الحاسة بتاعتي تعتبر ضعيفة بس أنا حاسة بحاجة، حاسة براجل، ألف أبص حواليا، ما فيش حاجة، بس أنا حاسة إن في راجل.
إيه ده.. ومعناه إيه؟
خرجت لأمي بسرعة وسألتها: وهو كان في راجل النهاردة دخل الشقة؟ سباك، كهربائي، أي حد؟
بصيتلي أمي بإستغراب وقالت: وإحنا من إمتى أي صنايعي بيخش البيت وباباكي مش موجود.
قلت لأمي: طب خالي كان هنا؟
أمي: لا.. إيه الأسئلة اللى إنتي بتسأليها ديه؟! هو في حاجة في أوضتك؟
حركت راسي بمعنى لا، هي أصلا مش بتصدق أي حاجة عن الحاسة اللي عندي، ولما بتسمع بتضحك وما بتعلقش.
رجعت لاوضتي فتشت عن أي حاجة ناقصة، كل حاجة موجودة، الذهب بتاعي، فلوس كنت محوشها، مفيش أي حاجة ناقصة.
خرجت بالليل مع أختي عشان أشتري شوية حاجات، ولما رجعت، زاد الإحساس عندي جداً، في راجل كان موجود في أوضتي، في راجل دخل أوضتي من غير ما أنا أعرف.
دورت تحت السرير ما لقيتش حاجة، فتحت الدولاب ما فيش حاجة.
أنا حاسة إنه موجود، مجرد إحساس بوجود راجل كان موجود في الاوضة معنديش أي معلومات تانية، هو مين؟ شكله إيه؟ مش قادرة أحدد، كان بيعمل إيه؟ وعايز إيه؟
قعدت أدور في الشقة، فتحت البلكونة، بصيت تحت السرير، في كل حته مفيش حاجة.
أتأكدت إن البلكونة اللي في أوضتي والشبابيك مقفولة، طفيت النور، عمري ما هيجيلي نوم مع الإحساس القوي اللي موجود عندي، فضلت صاحية لغاية ما نور الفجر طلع، وبعد كده رحت في النوم، صحيت على أمي اللي بتفتح الشبابيك ويتوبخني على الكسل والنوم الكتير اللي أنا فيه، وبتقولي إن خالي وصديق ليه جايين.
طلعت من أوضتي شفت خالي واقف في الطرقة، أول ما شافني أبتسم ليه وسلم عليا، حاولت إني أركز، هو ممكن يكون خالي؟ مش حاسة بأي حاجة.
خرجت الصالة لقيت صاحب خالي، شاب لطيف خجول سلم عليا بدأت أركز، ممكن يكون هو الشخص؟مش قادرة أحدد.
جهزت أمي الأكل وقعدناه كلنا نأكل على ترابيزة السفرة، بعد شوية رجعت لاوضتي، تاني رجعلي نفس الشعور بشكل قوي، الراجل ده دخل أوضتي وأنا باكل، بس إزاي وإمتى ومين اللي عمل كده؟!
ما كنتش قادرة أحدد ديه حاجة حصلت في الماضي، ولا علامة إنها لسه هتحصل في المستقبل.
الأوقات اللي بتقل فيها قدرتي ببقى هتجنن عندي المعلومة، ومش قادرة أفهم منها أي حاجة.
أنا لازم أعرف إيه اللي بيحصل، رحت عند جارتي منال وطلبت منها الكاميرا اللاسلكية، اللي أخوها إشترها من أمريكا لما كان هناك، هي عبارة عن كاميرا مدورة شبه الكورة، ممكن تستخبى في مكان، وترسل الصورة للجهاز الكمبيوتر المتصل بيها، بس لازم تبقى داخل نطاق معين.
منال: إنتي متأكدة إن إنتي عايزاها؟
رديت: أيوه هاخدها وهرجعها على طول، وأوعدك مش هكسرها.
منال: إنتي عارفة لو كسرتيها أخويا هيكسر دماغي أنا وإنتي، أنا مش عارفة إنتي هتعملي بيها إيه بس التجسس حرام.
رديت: ما تخافيش أنا هتجسس على أوضتي أنا.
رجعت لأوضتي، جبت كرسي وطلعت وحطيت الكاميرا فوق الدولاب، وغطيتها بجرايد عشان ما تبقاش ظاهرة، وفي نفس الوقت ما يمنعش التسجيل، أتصلت على منال وسألتها: شايفاني؟
منال: شايفاكي كويس وشايفة السرير وباب الاوضة.
قلتلها: تمام.. أنا هخرج دلوقتي، وعايزاكي تسجلي لمدة ساعتين.
خرجت من البيت حاولت تعدي الساعتين بأي شكل، دخلت كل محل قابلته، وقفت عند كل بترينة، أشتريت مقرمشات وشوكولاتات كثير، الوقت تقيل وبيعدي بصعوبة.
أخيراً عدت الساعتين، رجعت بسرعة للبيت، لازم أعرف إيه اللي حصل.
رجعت البيت ودخلت الاوضة، الإحساس قوي.
رحت عند منال كل حاجة متسجلة على الجهاز الكمبيوتر بتاعها.
منال: للأسف الإرسال إتقطع بعد ساعة، قمت أعمل حاجة أشربها رجعت لقيت الإشارة إتقطعت.
شغلنا شريط التسجيل الأوضة فاضية، جرينا الصورة شوية، بعد ساعة تقريباً أتفتح باب الاوضة، يدخل الشخص اللي أنا خايفة منه، يبص حواليه وبعد كده يبدأ يفتش في الأوضة، يرفع المرتبة، يفتح الدرج، يبص تحت السرير.
ده رضا أخويا الصغير.
أنا دلوقتى فهمت، من ثلاث أيام عمل رضا حاجة غلط، وعاقبته وأخذت الحصالة بتاعته وخبيتها، هو دلوقتي بيدور عليها، في كل وقت أنا مش موجودة فى الاوضة، بيدخل يدور عليها، دلوقتي إفتكرت إنه قام من على السفرة لما كان خالي موجود، وأكيد دخل أوضتي ودور وقتها عشان كده أنا حسيت بالإحساس القوي اللي كان عندي، هو مش عارف إني خبيت الحصالة في أوضتة تحت سريره.
أنا حسيت إن اللي كان موجود في الاوضة راجل.. إزاي مخدتش بالي.. بدأ يظهر على أخويا رضا علامات المراهقة، صوته بقى خشن، الشنب الصغير خط فى وشه، الحاسة بتاعتي قالتلي إنه كان فيه راجل في أوضتي بس ما قالتليش مين هو، عمري ما تخيلت إن يكون رضا.
منال: عرفتي اللي كنتي عايزة تعرفيه؟
رديت: أيوه.
منال: طيب.. رجعيلي الكاميرا بتاعه أخويا قبل ما يعرف إن هي مش موجودة.
طبعاً باقي القصة أنا عارفاها، رضا يجيب كرسي ويطلع فوق الدولاب يمد إيده تتحرك الكاميرا زي الكورة وتقع على الأرض وتتكسر، يتخض رضا ويخرج من الاوضة بسرعة.
أنا كنت لقيت الكاميرا مكسورة في أوضتي قبل ما أجي عند منال، دلوقتي أنا عارفة إن هو رضا، مفيش داعي للقلق ،المشكله دلوقتي إزاي أقول لمنال إيه اللي حصل لكاميرة أخوها، أنا عندي مشكلة كبيرة ربنا يساعدني على حالها.
الفصل السابع
دي أجازة نص السنة، وبابا هيرجع من السفر بعد يومين، عشان كده في جو جميل في البيت، دايماً الأبهات اللي بتسافر وقت طويل في الشغل لما بيرجعوا بيبقوا شبه الضيوف، بيعاملوا أولادهم بدلع وحب زيادة، ما بيبقوش عايزين يضيعوا الوقت في العقاب والكلام القاسي، عشان كده دايماً أجازة بابا بتبقى حلم جميل.
إحنا في أجازة نص السنة عشان كده إتضايقت جداً لما صحتني أمي بدري عشان أرد على مكالمة الدكتور محمد المهدي، هو شخص عزيز عليا بس مش لدرجة إنه يصحيني الساعة 9:00 الصبح.
بدأت أتمطع واأتاوب، جالي صوت دكتور محمد خايف وقلقان أول مرة أسمعه بالشكل ده.
دكتور محمد: هالة.. أنا محتاجك.
قلت وأنا باتاوب: خير في إيه؟
دكتور محمد: خالتي عندها مشكلة كبيرة.
خالته عندها مشكلة، أعتقد ان ده سبب كافي عشان يصحيني في وقت زى ده، طيب إيه هي المشكلة؟
دكتور محمد: جوز خالتي مات من سنة، وسابلها فيلا كبيرة في المعادي، خالتي بقى قررت إنها تبيع الفيلا بسعر رخيص جداً، وتقعد في شقة إيجار.
رديت: هي حره.
دكتور محمد: هي حرة لما تكون ديه رغبتها، إنما هي هتبيع فيلا كبيرة بجنينة كبيرة بثمن رخيص، وهتقعد بقية حياتها في شقة إيجار، أوضة وصالة… عرفتي إيه المشكلة.
قلت: يمكن عايزة تبيع عشان البيت بيفكرها بجوزها.
دكتور محمد: مش بالظبط كده، اللي حصل إن جوزها هو اللي قالها تبيع.
رديت بذهول: إنت مش قلت إن جوزها مات؟
دكتور محمد:هنا المشكلة، في واحد إسمه دكتور مصطفى وهو مخادع ونصاب، أقنعها إنه بيستدعي الأرواح، وعمل أكثر من جلسة في بيتها، واستدعى روح جوزها اللي كلمها وقالها إنها تبيع الفيلا لواحد إسمه شوقي سليمان، وعشان كده خالتي مصممة إنها تنفذ كلام زوجها الله يرحمه، وبالفعل كلمت خالتي المحامي وقالتله يمشي في الإجراءات، ولما المحامي شك في الموضوع كلمني وقلتله إني هحاول أشوف حل.
رديت: إنت دكتور نفسي، حاول تكلمها وتقنعها.
دكتور محمد: حاولت مصممة على رأيها وعايزة تنفذ كلام زوجها.
قلت: طب إنت عايز مني إيه؟
دكتور محمد: النهاردة الساعة 9:00 بالليل هتعمل جلسة إستدعاء لروح جوزها، عايزك تيجي وتحاولي تساعديني، بالحاسة المميزة اللي عندك أكيد هتلقطي حاجة.
لسه هتكلم وأقول إن مينفعش الوقت متأخر، كان دكتور محمد سبقني وقال: هأجي أخدك وأرجعك لغاية البيت، خليني بقى أكلم مامتك عشان أقنعها.
ومن هنا بدأ كل حاجة.
أنا في عربية دكتور محمد رايحين لفيلة خالته، أول ما شفت الفيلا ذهلت من جمالها تعتبر آية في الجمال، لوحة فنية رائعة.
طبعاً الموضوع ظاهر، المخادع اللي إسمه دكتور مصطفى متفق مع اللي إسمه شوقي سليمان، وهيخدعوا الست المسكينة وياخدوا منها الفيلا برخص التراب.
دخلنا الفيلا، كان في ترابيزة كبيرة مستديرة، الإضاءة قليلة، كان موجود ست عجوزة، وراجل، والنصاب، أول ما تشوفه هتعرف إنه نصاب، وشخص باين عليه التوتر وده إبن الست العجوزة.
يقدمني دكتور محمد ليهم بكذبة مقبولة: هاله صحفية… بتهتم بالظواهر الغير طبيعية زي إستدعاء الأرواح.
طبعاً النصاب بصلي نظرة شك.
دكتور محمد: ديه خالتي مدام مديحة، وده إبنها شادي، وده دكتور مروان وهو إبن خالتي التانية ودكتور فلسفة في الجامعة، وده دكتور مصطفى خبير إستدعاء الأرواح..
طبعاً بمجرد ما شفت النصاب اللي إسمه مصطفى، وأنا عرفت إن في خدعة بتحصل بس لسه مش قادرة أحدد هي إيه؟
دكتور مصطفى: طيب… إتفضلوا أقعدوا مش عايز أي صوت… الموضوع معقد ومحتاج تركيز.
قلت: دكتور مصطفى أكيد بخبرتك وبذكائك عرفت إني مش مصدقة اللي بيحصل.
مصطفي بإبتسامة: أتفضلي وهتشوفي بنفسك.
سكت الكل وبدأ مصطفي يقول كلام غير مفهوم، بصراحة كان الموضوع في شيء من الرعب، فجأة إتغير صوته، سمعنا صوت شخص ألدغ، الصوت جاي من مكان ما، مش محتاجة عبقرية طبعاً ده صوت الزوج المتوفي.
كان مصطفى مش بيحرك شفايفة.
الصوت: مديحة.. إنتي ما عملتيش اللي قلته ليه.
مديحه في زعر:هنفذ… هنفذ، المحامي بس.
الصوت بغضب: إنتي مش فاهمة، البيع ده هو اللي هينقذك، لو مبعتش هتكوني في خطر كبير، بيعي زي ما قلتلك.
مديحة: حاضر… حاضر.
في خدعة بتحصل بس إيه هي؟!
قلت فغضب: لو سمحت يا أستاذ شكري (اللي هو الزوج المتوفي)، ممكن تقولنا رقم بطاقة زوجتك، أتجوزتوا يوم إيه؟ خلفتوا إبنكم في أنهي مستشفى؟!
الصوت بغضب: مين اللي بتتكلم، وإزاي تتكلم معايا؟!
الصوت: عالم الأرواح أرقى من اللي إنتي بتقوليه ده.
مديحة: أرجوكي يا بنتي ما تتكلميش، الموضوع خطير، عالم الأرواح ما فيهوش اللي إنتي بتقوليه ده.
الدكتور مروان إبن أختها: سيبيها يا خالتي من حقها إنها تشك.
قلت: أنا واثقة إن فيه خدعة، في جهاز لاسلكي في مكان ما هنا.
دكتور محمد بقلة حيلة: ده صوت جوز خالتي فعلاً.
قلت: طريقة كلامه وصوته ممكن أي حد يقلدهم، أنا أظن إن الدكتور مصطفى مخبي جهاز اللاسلكي في جيبه.
دكتور محمد بإبتسامة ساخرة: فتشناه قبل كده وملقيناش حاجة.
رديت: تمام هنشغل الراديو ونفتح الحنفية، ده هيعطل جهاز الإرسال أو جهاز التصنت، وهيتعطل الصوت.
مصطفى النصاب بإبتسامة: طبعاً هيتعطل الصوت، الجلسات ديه معقدة زي ما قلت، والضوضاء اللي عايزة تعمليها هتخلي الأرواح تمشي.
بدأت أحس إحساس غريب، في حد بيتكلم في دماغي، حد ماسك إيدي.
أنا عارف إنك سامعاني، عارف إنك هتساعديني، فهمت، ده شكري هو اللي بيكلمني.
بدأت أشوف تخيل، أوضة في مكان ما، قاعد فيها راجل أقرع قدامه كوباية شاي، في ودنه سماعتين، بيتكلم في مايك، بيغير صوته عشان يبقى شبه صوت الزوج، شفت نفسي إني واقفة ورا دكتور مروان إبن أخت مديحة.
هو اللي عمل كده.
الصوت في دماغي: إنت كده عرفتي كل حاجة ساعدي مديحة متسيبهاش.
أرجع للواقع أقف وأقول بصوت عالي: دكتور محمد لو سمحت خد دكتور مروان بره البيت دلوقتي.
الكل يبصلي بذهول، كان دكتور مروان هيعترض بس دكتور محمد شده من إيده وأقنعه إني مجنونة ولازم يسمع كلامي.
بعد دقيقة مفيش أي صوت.
بصيت لدكتور مصطفى النصاب: الصوت إتقطع.
مصطفى بغضب: بسبب الدوشة اللي إنتي عاملها ديه كان لازم يتقطع، الأرواح ما بتحبش الضوضاء.
دخل دكتور محمد الفيلا هو ماسك إيد دكتور مروان وبإبتسامة عريضة قال: كل حاجه ظهرت يا خالتي، اللاسلكي موجود في جيب مروان، طبعاً إحنا ما شكناش فيه لأنه للأسف مكانش في محل شك، بس واضح ان هو كان صاحب الفكرة من الأول، كل حاجة كانت بتحصل في الاوضة هنا كانت بتتنقل في جهاز إرسال لراجل بيقلد صوت المرحوم ويرجع يتكلم في جهاز ارسال متعلق في ياقه قميص مروان.
طبعاً ملامح دكتور مروان كانت كفيلة إنها تبين إن كلام دكتور محمد صح.
مديحة بدموع: إنت يا مروان تعمل فيه كده.
دكتور محمد: إنتي عارفة سعر الفيلا النهاردة يعمل كام، أكيد ده زغلل عيون مروان للأسف.
دكتور محمد بطريقة مسرحية: لو سمحت يا خالتي هطرد الإثنين النصابين دول.
بصلي دكتور محمد وقال: كنت عارف إن الحل عندك.
قلتله: في حد ساعدني، مش هتصدق مين!
في يوم تاني
كان يوم هادئ وجميل، كنا متجمعين كلنا قدام التلفزيون، وأنا قاعدة جنب بابا اللي هيقعد معانا أجازة صغيرة، كنت أنا قاعدة جنبه من ناحية، وأختي قاعدة جنبه من الناحية التانية، فترة الإجازة بابا بيبقى بتاعنا إحنا، وأمي ملهاش أي حق فيه ومتقدرش أنها تستفرد بيه إلا لو إحنا نمنا أو نزلنا من البيت.
بابا حنين، وطيب وجميل، أبويا أجمل واحد في الدنيا ديه كلها، عمري ما شفت راجل زيه، ليه كل الرجاله ما تبقاش شبه أبويا!
صاحبتي ثريا دايماً بتقولي إن السبب إن هو بعيد، عشان كده هو غالي أوي.
إفتكرت صاحبتي ثريا أكيد الموضوع ليه علاقة بحاستي المميزة، يرن جرس التليفون ترد أمي وتقول: إيه.. شدي حيلك يا بنتي.
تمد أمي التليفون وتقولي: هالة.. صاحبتك ثريا.
قربت ورفعت السماعة، صوت ثريا وهي بتبكي: هالة.. أمي توفت.. عملت حادثة.
و انهارت من العياط، لدرجة إني إنهارت معاها من العياط، لبست وقام بابا ولبس هو كمان عشان يوصلني، ركبنا تاكسي وروحنا على بيت ثريا.
كان الموقف صعب.
أم ثريا منفصلة عن باباها من سنين، وثريا قاعدة عند باباها إللي متجوزش، سبب الإنفصال ممكن كان حاجة تافهة، متقدرش تقول مين اللي غلطان، مجرد مشكلة بسيطة بتحصل بين الناس الطيبة، أم ثريا ست حساسة جداً، طيبة ومشاعرها جياشة .
إتجوزت بعد الطلاق من شاب إسمه شريف، بيقول إنه شغال محاسب، ومرة يقول أنا شغال في الدعاية، ومرة يقول رجل أعمال، الأمر مش محتاج عبقرية عشان تقدر تقول إن الشخص ده كان غير مناسب لأم ثريا.
ثريا بتقول عنه إنه كسول وكل اللي يهم فلوس أمها، وده لأن أم ثريا غنية جداً، عيلتها صاحبة أملاك وأراضي، يعني بمعنى أصح الموضوع ملوش علاقه بحب الراجل ده لمراته، هو أتجوزها علشان ياخد ثروتها، وده محصلش لإن أم ثريا كانت ذكية وبتديله الفلوس بالحساب، للأسف كانت متعلقه بيه.
أول ما ثريا شافتني حضنتني وفضلت تبكي، بعد شوية جه بابا وقالي: أنا شايف إن الوقت مش مناسب إنك تروحي، تحبي تباتي النهاردة معاها؟
قلت: اه أرجوك.
بابا: خليكي بايته النهاردة، طمنيني عليكي دايماً بالتليفون.
خدت ثريا ومشينا في وسط الناس اللي لابسه أسود لحد ما رحنا أوضتها.
ثريا بحرقة: كانت راكبة العربية بتسوق على طريق سريع بطريقة جنونية، ديه مش عادة أمي، هي بارعة في السواقة.
وقلت: إنتي عايزة تقولي إيه؟
ثريا: أكيد جوزها هو اللي عمل حاجة علشان يورثها، حطلها مخدر، بوظ الفرامل، أي حاجة.
سألتها: إمتي الحادثة حصلت؟
ثريا: الساعة 8:00 بالليل.
حاولت إني أاجل الموضوع ده للصبح وبكرة نشوف لما أقابل شريف ده هشوف إيه اللي هيحصل.
كان اليوم صعب: علي الظهر أتحركت العربيات للمستشفى عشان تستلم الجثمان.
كانت ثريا منهارة من العياط، يقرب راجل يمد إيده لثريا ويقول: ده التليفون بتاعها، الإسعاف لقاه يوم الحادثة.
إديتهوني ثريا وقالت: خليه معاكي مش قادرة أرد على حد ولا أتكلم.
يظهر راجل من مكان ما، راجل شديد الوسامة، عيونه زي الذئب، طبعاً ده شريف، يقرب ويسلم على ثريا ويقولها كلمات تعزيه، ويلف ويمد إيده ويسلم عليا، عارفة أنا هو مش صادق، بس إزاي؟
بدأت أتابع الموقف الصعب والقاسي وأنا بفكر، أنا لازم أعرف الحقيقة..هل هينفع دلوقتي نطلب من البوليس إنه يكشف على العربية لو فيها خلل، هل ينفع دلوقتي يتعمل للمرحومة تحليل دم يبين إذا كان فيه حاجة في الدم، إزاي بس، خلاص هما واخدينها لمكانها الأخير.
مديت إيدي في شنطتي لمست التليفون، إيه علاقة الموضوع بالتليفون، شايفة الطريق السريع، وكمية كبيرة من العربيات، شايفة إن الطريق مش مستقيم، حاسة نفسي طايرة في الجو، مش قادره أتحكم، والعربية بتتقلب وتتقلب.
قلت في نفسي هو ده اللي حصل للتليفون وقت الحادثة، بدأت أبص على آخر رقم أتصل بأم ثريا، شريف… شريف، أتصل ست مرات لحد ما ردت.
هي إتصلت على مين؟ شريف برضو، إمتى؟ الساعة 8:00 إلا دقيقتين، يعني قبل الحادثة على طول.
إتصالها بيه كان آخر حاجة عملتها.
إستخدام التليفون إثناء السواقة شئ خطير جداً، هي كانت عارفة ده، عشان كده مردتش على مكالمات شريف في الخمس مرات وبعد كده إضطريت إنها ترد في المرة السادسة.
أنا فهمت، حطيت التليفون على ودني، أنا بدأت أسمع اللي إتقال، شريف عارف إنها بتسوق دلوقتي على سرعة 120، وسايقة عربيتها على الطريق السريع، إتصل عليها مرات كتير، المرة الستة ترد، وهي سايقة بحرص شديد تسمع صوته بيتألم.
شريف: أنا عملت……. حادثة.
أم ثريا بذهول وقلق: شريف إنت فين.. إيه اللي حصل؟
شريف بصوت مش طالع: أنا بموت.
ويقفل التليفون، ينقبض قلبها وتضغط على البنزين أكثر، تتصل على رقمه.
شريف بأنفاس مقطوعة: أنا هموت.. سامحيني.
أم ثريا والدموع في عينيها تصرخ: شريف إنت فين؟
شريف: أنا… أنا..
في الوقت ده ما تقدرش إنها تتحكم في العربية وتيجي عربية من الجنب تخبط فيها، تتخبط العربية وتطير العجلات من فوق الأرض، وتتقلب وتتقلب .
ده كل اللي قدرت أشوفه.
مقدرتش أمسك نفسي ورحت لشريف اللي بيمثل الحزن: إنت مخادع وكذاب.
شريف بغضب: إنتي مين.. إزاي تكلميني بالطريقة ديه؟
قلت بغضب: إنت اللي عملت كده، إنت اللي لعبت بأعصابها، وخلتها تفقد السيطرة على نفسها وتسوق بسرعة 140 في طريق سريع، توترها ودموعها خليتها ما شفتش الطريق بسبب التمثيلية الفاشلة اللي إنت عملتها، بصلي بذهول بس قرر إنه يسكت ويسمعني.
قلت بعصبية: لو كانت تمثيلياتك فشلت كنت هتبتسم وتقول بهزر، لو نجحت يبقي كويس.
شريف يقرب وبصوت واطي: ولو ده اللي حصل، عايزة مني إيه؟ محدش يقدر يتهمني بحاجة.
رديت بغضب: ربنا عالم اللي إنت عملته كويس، وأنا أقسملك بإنك هتاخد عقابك.
سبته ومشيت، ما قدرتش إن أحضر الجنازة، كل اللي كنت عايزة أعمله إني أروح البيت، وأعيط على الشر اللي بقى في نفوس البشر.
إتصلت عليا ثريا بعد ثلاث أيام، كان صوتها منفعل.
ثريا: تخيلي إن شريف إنتهت حياته بنفس الطريقة اللي إنتهت بها حياة أمي.
قلتلها: إزاي؟
ردت عليا ثريا: كان بيسوق بسرعة جنونية على طريق سريع، وتقلبت بيه العربية، إنتي متخيلة إن تنتهي حياته بعد ثلاث أيام من أمي، تفتكري هو حبها لدرجة إنه قرر يروح وراها، ولا ربنا بينتقم منه عشان هو اللي عمل كده في أمي.
خدت نفس عميق وقلتلها: مش عارفة، بس ربنا إسمه العدل، معتقدش إن نهايه حياته فرحتك.
ثريا: إنتهاء حياته مش هيرجعلي أمي، بس ما انكرش إني حاسه إني مرتاحة.
قفلت مع ثريا التليفون.
قعدت أفكر يا ترى ضميره أنبه لدرجة إنه عاقب نفسه بنفس الطريقة اللي أنتهت بيها حياة مراته.
بس في حاجة ثانية مش عارفة هي صح ولا لا، قدرة وميزة التخاطر اللي عندي، هل ممكن إني أكون نقلتله تأنيب الضمير والخوف والقلق والعذاب اللي فضلوا متملكين منه لدرجة إنه ما بقاش قادر يتحكم في إعصابه .
مش عارفة.
هو دلوقتي أخذ عقابه، ربنا يرحم أم ثريا.
…………..
الفصل الثامن
ديه أجازة نص السنة، وبابا هيرجع من السفر بعد يومين، عشان كده في جو جميل في البيت، دايماً الأبهات اللي بتسافر وقت طويل في الشغل لما بيرجعوا بيبقوا شبه الضيوف، بيعاملوا أولادهم بدلع وحب زيادة، ما بيبقوش عايزين يضيعوا الوقت في العقاب والكلام القاسي، عشان كده دايماً أجازة بابا بتبقى حلم جميل.
إحنا في أجازة نص السنة عشان كده أتضايقت جداً لما صحتني أمي بدري عشان أرد على مكالمة الدكتور محمد المهدي، هو شخص عزيز عليا بس مش لدرجة إنه يصحيني الساعة 9:00 الصبح.
بدأت أتمطع وأتاوب، جالي صوت دكتور محمد خايف وقلقان أول مرة أسمعه بالشكل ده.
دكتور محمد: هالة.. أنا محتاجك.
قلت وأنا باتاوب: خير في إيه؟
دكتور محمد: خالتي عندها مشكلة كبيرة.
خالته عندها مشكلة، أعتقد ان ده سبب كافي عشان يصحيني في وقت زى ده، طيب إيه هي المشكلة؟
دكتور محمد: جوز خالتي مات من سنة، وسابلها فيلا كبيرة في المعادي، خالتي بقى قررت إنها تبيع الفيلا بسعر رخيص جداً، وتقعد في شقة إيجار.
رديت: هي حر.
دكتور محمد: هي حرة لما تكون ديه رغبتها، إنما هي هتبيع فيلا كبيرة بجنينة كبيرة بثمن رخيص، وهتقعد بقية حياتها في شقة إيجار، أوضة وصالة… عرفتي إيه المشكلة.
قلت: يمكن عايزة تبيع عشان البيت بيفكرها بجوزها.
دكتور محمد: مش بالظبط كده، اللي حصل إن جوزها هو اللي قالها تبيع.
رديت بذهول: إنت مش قلت إن جوزها مات؟
دكتور محمد:هنا المشكلة، في واحد إسمه دكتور مصطفى وهو مخادع ونصاب، أقنعها إنه بيستدعي الأرواح، وعمل أكثر من جلسة في بيتها، واستدعى روح جوزها اللي كلمها وقالها إنها تبيع الفيلا لواحد إسمه شوقي سليمان، وعشان كده خالتي مصممة إنها تنفذ كلام زوجها الله يرحمه، وبالفعل كلمت خالتي المحامي وقالتله يمشي في الإجراءات، ولما المحامي شك في الموضوع كلمني وقلتله إني هحاول أشوف حل.
رديت: إنت دكتور نفسي، حاول تكلمها وتقنعها.
دكتور محمد: حاولت مصممة على رأيها وعايزة تنفذ كلام زوجها.
قلت: طب إنت عايز مني إيه؟
دكتور محمد: النهاردة الساعة 9:00 بالليل هتعمل جلسة إستدعاء لروح جوزها، عايزك تيجي وتحاولي تساعديني، بالحاسة المميزة اللي عندك أكيد هتلقطي حاجة.
لسه هتكلم وأقول إن مينفعش الوقت متأخر، كان دكتور محمد سبقني وقال: هأجي أخدك وأرجعك لغاية البيت، خليني بقى أكلم مامتك عشان أقنعها.
ومن هنا بدأ كل حاجة.
أنا في عربية دكتور محمد رايحين لفيلة خالته، أول ما شفت الفيلا ذهلت من جمالها تعتبر آية في الجمال، لوحة فنية رائعة.
طبعاً الموضوع ظاهر، المخادع اللي إسمه دكتور مصطفى متفق مع اللي إسمه شوقي سليمان، وهيخدعوا الست المسكينة وياخدوا منها الفيلا برخص التراب.
دخلنا الفيلا، كان في ترابيزة كبيرة مستديرة، الإضاءة قليلة، كان موجود ست عجوزة، وراجل، والنصاب، أول ما تشوفه هتعرف إنه نصاب، وشخص باين عليه التوتر وده إبني الست العجوزة.
يقدمني دكتور محمد ليهم بكذبة مقبولة: هاله صحفية… بتهتم بالظواهر الغير طبيعية زي إستدعاء الأرواح.
طبعاً النصاب بصلي نظرة شك.
دكتور محمد: ديه خالتي مدام مديحة، وده إبنها شادي، وده دكتور مروان وهو إبن خالتي التانية ودكتور فلسفة في الجامعة، وده دكتور مصطفى خبير إستدعاء الأرواح..
طبعاً بمجرد ما شفت النصاب اللي إسمه مصطفى، وأنا عرفت إن في خدعة بتحصل بس لسه مش قادرة أحدد هي إيه؟
دكتور مصطفى: طيب… أتفضلوا أقعدوا مش عايز أي صوت… الموضوع معقد ومحتاج تركيز.
قلت: دكتور مصطفى أكيد بخبرتك وبذكائك عرفت إني مش مصدقة اللي بيحصل.
مصطفي بإبتسامة: أتفضلي وهتشوفي بنفسك.
سكت الكل وبدأ مصطفي يقول كلام غير مفهوم، بصراحة كان الموضوع في شيء من الرعب، فجأة أتغير صوته، سمعنا صوت شخص الدغ، الصوت جاي من مكان ما، مش محتاجة عبقرية طبعاً ده صوت الزوج المتوفي.
كان مصطفى مش بيحرك شفايفة.
الصوت: مديحة.. إنتي ما عملتيش اللي قلته ليه.
مديحه في زعر:هنفذ… هنفذ، المحامي بس.
الصوت بغضب: إنتي مش فاهمة، البيع ده هو اللي هينقظك، لو مبعتش هتكوني في خطر كبير، بيعي زي ما قلتلك.
مديحة: حاضر… حاضر.
في خدعة بتحصل بس إيه هي؟!
قلت فغضب: لو سمحت يا أستاذ شكري (اللي هو الزوج المتوفي)، ممكن تقولنا رقم بطاقة زوجتك، أتجوزتوا يوم إيه؟ خلفتوا إبنكم في أنهي مستشفى؟!
الصوت بغضب: مين اللي بتتكلم، وإزاي تتكلم معايا؟!
الصوت: عالم الأرواح أرقى من اللي إنتي بتقوليه ده.
مديحة: أرجوكي يا بنتي ما تتكلميش، الموضوع خطير، عالم الأرواح ما فيهوش اللي إنتي بتقوليه ده.
الدكتور مروان إبن أختها: سيبيها يا خالتي من حقها إنها تشك.
قلت: أنا واثقة إن فيه خدعة، في جهاز لاسلكي في مكان ما هنا.
دكتور محمد بقلة حيلة: ده صوت جوز خالتي فعلاً.
قلت: طريقة كلامه وصوته ممكن أي حد يقلدهم، أنا أظن إن الدكتور مصطفى مخبي جهاز اللاسلكي في جيبه.
دكتور محمد بإبتسامة ساخرة: فتشناه قبل كده وملقيناش حاجة.
رديت: تمام هنشغل الراديو ونفتح الحنفية، ده هيعطل جهاز الإرسال أو جهاز التصنت، وهيتعطل الصوت.
مصطفى النصاب بإبتسامة: طبعاً هيتعطل الصوت، الجلسات ديه معقدة زي ما قلت، والضوضاء اللي عايزة تعمليها هتخلي الأرواح تمشي.
بدأت أحس إحساس غريب، في حد بيتكلم في دماغي، حد ماسك إيدي.
أنا عارف إنك سامعاني، عارف إنك هتساعديني، فهمت، ده شكري هو اللي بيكلمني.
بدأت أشوف تخيل، أوضة في مكان ما، قاعد فيها راجل أقرع قدامه كوباية شاي، في ودنه سماعتين، بيتكلم في مايك، بيغير صوته عشان يبقى شبه صوت الزوج، شفت نفسي إني واقفة ورا دكتور مروان إبن أخت مديحة.
هو اللي عمل كده.
الصوت في دماغي: إنت كده عرفتي كل حاجة ساعدي مديحة متسيبهاش.
أرجع للواقع أقف وأقول بصوت عالي: دكتور محمد لو سمحت خد دكتور مروان بره البيت دلوقتي.
الكل يبصلي بذهول، كان دكتور مروان هيعترض بس دكتور محمد شده من إيده وأقنعه إني مجنونة ولازم يسمع كلامي.
بعد دقيقة مفيش أي صوت.
بصيت لدكتور مصطفى النصاب: الصوت إتقطع.
مصطفى بغضب: بسبب الدوشة اللي إنتي عاملها ديه كان لازم يتقطع، الأرواح ما بتحبش الضوضاء.
دخل دكتور محمد الفيلا هو ماسك إيد دكتور مروان وبإبتسامة عريضة قال: كل حاجه ظهرت يا خالتي، اللاسلكي موجود في جيب مروان، طبعاً إحنا ما شكناش فيه لأنه للأسف مكانش في محل شك، بس واضح ان هو كان صاحب الفكرة من الأول، كل حاجة كانت بتحصل في الاوضة هنا كانت بتتنقل في جهاز إرسال لراجل بيقلد صوت المرحوم ويرجع يتكلم في جهاز ارسال متعلق في ياقه قميص مروان.
طبعاً ملامح دكتور مروان كانت كفيلة إنها تبين إن كلام دكتور محمد صح.
مديحة بدموع: إنت يا مروان تعمل فيه كده.
دكتور محمد: إنتي عارفة سعر الفيلا النهاردة يعمل كام، أكيد ده زغلل عيون مروان للأسف.
دكتور محمد بطريقة مسرحية: لو سمحت يا خالتي هطرد الإثنين النصابين دول.
بصلي دكتور محمد وقال: كنت عارف إن الحل عندك.
قلتله: في حد ساعدني، مش هتصدق مين!
كان يوم هادئ وجميل، كنا متجمعين كلنا قدام التلفزيون، وأنا قاعدة جنب بابا اللي هيقعد معانا أجازة صغيرة، كنت أنا قاعدة جنبه من ناحية، وأختي قاعدة جنبه من الناحية التانية، فترة الإجازة بابا بيبقى بتاعنا إحنا، وأمي ملهاش أي حق فيه ومتقدرش أنها تستفرد بيه إلا لو إحنا نمنا أو نزلنا من البيت.
بابا حنين، وطيب وجميل، أبويا أجمل واحد في الدنيا ديه كلها، عمري ما شفت راجل زيه، ليه كل الرجاله ما تبقاش شبه أبويا!
صاحبتي ثريا دايماً بتقولي إن السبب إن هو بعيد، عشان كده هو غالي أوي.
أفتكرت صاحبتي ثريا أكيد الموضوع ليه علاقة بحسيتي المميزة، يرن جرس التليفون ترد أمي وتقول: إيه.. شدي حيلك يا بنتي.
تمد أمي التليفون وتقولي: هالة.. صاحبتك ثريا.
قربت ورفعت السماعة، صوت ثريا وهي بتبكي: هالة.. أمي توفت.. عملت حادثة.
و انهارت من العياط، لدرجة إني إنهارت معاها من العياط، لبست وقام بابا ولبس هو كمان عشان يوصلني، ركبنا تاكسي ورحنا على بيت ثريا.
كان الموقف صعب.
أم ثريا منفصلة عن باباها من سنين، وثريا قاعدة عند باباها إللي متجوزش، سبب الإنفصال ممكن كان حاجة تافهة، متقدرش تقول مين اللي غلطان، مجرد مشكلة بسيطة بتحصل بين الناس الطيبة، أم ثريا ست حساسة جداً، طيبة ومشاعرها جياشة .
أتجوزت بعد الطلاق من شاب إسمه شريف، بيقول إنه شغال محاسب، ومرة يقول أنا شغال في الدعاية، ومرة يقول رجل أعمال، الأمر مش محتاج عبقرية عشان تقدر تقول إن الشخص ده كان غير مناسب لأم ثريا، ثريا بتقول عنه إنه كسول وكل اللي يهم فلوس أمها، وده لأن أم ثريا غنية جداً، عيلتها صاحبة أملاك وراضي، يعني بمعنى أصح الموضوع ملوش علاقه بحب الراجل ده لمراته، هو أتجوزها علشان ياخد ثروتها، وده محصلش لأن أم ثريا كانت ذكية وبتديله الفلوس بالحساب، للأسف كانت متعلقه بيه.
أول ما ثريا شافتني حضنتني وفضلت تبكي، بعد شوية جه بابا وقالي: أنا شايف إن الوقت مش مناسب إنك تروحي، تحبي تباتي النهاردة معاها؟
قلت: اه أرجوك.
بابا: خليكي بايته النهاردة، طمنيني عليكي دايماً بالتليفون.
خدت ثريا ومشينا في وسط الناس اللي لابسه أسود لحد ما رحنا أوضتها.
ثريا بحرقة: كانت راكبة العربية بتسوق على طريق سريع بطريقة جنونية، ديه مش عادة أمي، هي بارعة في السواقة.
وقلت: إنتي عايزة تقولي إيه؟
ثريا: أكيد جوزها هو اللي عمل حاجة علشان يورثها، حطلها مخدر، بوظ الفرامل، أي حاجة.
سألتها: إمتي الحادثة حصلت؟
ثريا: الساعة 8:00 بالليل.
حاولت إني أاجل الموضوع ده للصبح وبكرة نشوف لما أقابل شريف ده هشوف إيه اللي هيحصل.
كان اليوم صعب: علي الظهر أتحركت العربيات للمستشفى عشان تستلم الجثمان.
كانت ثريا منهارة من العياط، يقرب راجل يمد إيده لثريا ويقول: ده التليفون بتاعها، الإسعاف لقاه يوم الحادثة.
أديتهوني ثريا وقالت: خليه معاكي مش قادرة أرد على حد ولا أتكلم.
يظهر راجل من مكان ما، راجل شديد الوسامة، عيونه زي الذئب، طبعاً ده شريف، يقرب ويسلم على صفاء ويقولها كلمات تعزيه، ويلف ويمد إيده ويسلم عليا، عارفة أنا هو مش صادق، بس إزاي؟
بدأت أتابع الموقف الصعب والقاسي وأنا بفكر، أنا لازم أعرف الحقيقة..هل هينفع دلوقتي نطلب من البوليس أنه يكشف على العربية لو فيها خلل، هل ينفع دلوقتي يتعمل للمرحومة تحليل دم يبين إذا كان فيه حاجة في الدم، إزاي بس، خلاص هما واخدينها لمكانها الأخير.
مديت إيدي في شنطتي لمست التليفون، إيه علاقة الموضوع بالتليفون، شايفة الطريق السريع، وكمية كبيرة من العربيات، شايفة إن الطريق مش مستقيم، حاسة نفسي طايرة في الجو، مش قادره أتحكم، والعربية بتتقلب وتتقلب.
قلت في نفسي هو ده اللي حصل للتليفون وقت الحادثة، بدأت أبص على آخر رقم أتصل بأم ثريا، شريف… شريف، أتصل ست مرات لحد ما ردت.
هي أتصلت على مين؟ شريف برضو، إمتى؟ الساعة 8:00 إلا دقيقتين، يعني قبل الحادثة على طول.
إتصالها بيه كان آخر حاجة عملتها.
إستخدام التليفون إثناء السواقة شئ خطير جداً، هي كانت عارفة ده، عشان كده مردتش على مكالمات شريف في الخمس مرات وبعد كده إضطريت إنها ترد في المرة السادسة.
أنا فهمت، حطيت التليفون على ودني، أنا بدأت أسمع اللي إتقال، شريف عارف إنها بتسوق دلوقتي على سرعة 120، وسايقة عربيتها على الطريق السريع، أتصل عليها مرات كتير، المرة الستة ترد، وهي سايقة بحرص شديد تسمع صوته بيتألم.
شريف: أنا عملت……. حادثة.
أم ثريا بذهول وقلق: شريف إنت فين.. إيه اللي حصل؟
شريف بصوت مش طالع: أنا بموت.
ويقفل التليفون، ينقبض قلبها وتضغط على البنزين اكثر، تتصل على رقمه.
شريف بأنفاس مقطوعة: أنا هموت.. سامحيني.
أم ثريا والدموع في عينيها تصرخ: شريف إنت فين؟
شريف: أنا… أنا..
في الوقت ده ما تقدرش إنها تتحكم في العربية وتيجي عربية من الجنب تخبط فيها، تتخبط العربية وتطير العجلات من فوق الأرض، وتتقلب وتتقلب .
ده كل اللي قدرت أشوفه.
مقدرتش أمسك نفسي ورحت لشريف اللي بيمثل الحزن: إنت مخادع وكذاب.
شريف بغضب: إنتي مين.. إزاي تكلميني بالطريقة ديه؟
قلت بغضب: إنت اللي عملت كده، إنت اللي لعبت بأعصابها، وخلتها تفقد السيطرة على نفسها وتسوق بسرعة 140 في طريق سريع، توترها ودموعها خلاها ما شفتش الطريق بسبب التمثيلية الفاشلة اللي إنت عملتها، بصلي بذهول بس قرر إنه يسكت ويسمعني.
قلت بعصبية: لو كانت تمثيلياتك فشلت كنت هتبتسم وتقول بهزر، لو نجحت يبقي كويس
شريف يقرب وبصوت واطي: ولو ده اللي حصل، عايزة مني إيه؟ محدش يقدر يتهمني بحاجة.
رديت بغضب: ربنا عالم اللي إنت عملته كويس، وأنا أقسملك بإنك هتاخد عقابك.
سبته ومشيت، ما قدرتش إن أحضر الجنازة، كل اللي كنت عايزة أعمله إني أروح البيت، وأعيط على الشر اللي بقى في نفوس البشر.
أتصلت عليا ثريا بعد ثلاث أيام، كان صوتها منفعل.
ثريا: تخيلي إن شريف إنتهت حياته بنفس الطريقة اللي إنتهت بها حياة أمي.
قلتلها: إزاي؟
ردت عليا ثريا: كان بيسوق بسرعة جنونية على طريق سريع، وتقلبت بيه العربية، إنتي متخيلة إن تنتهي حياته بعد ثلاث أيام من أمي، تفتكري هو حبها لدرجة إنه قرر يروح وراها، ولا ربنا بينتقم منه عشان هو اللي عمل كده في أمي.
خدت نفس عميق وقلتلها: مش عارفة، بس ربنا إسمه العدل، معتقدش إن نهايه حياته فرحتك.
ثريا: إنتهاء حياته مش هيرجعلي أمي، بس ما انكرش إني حاسه إني مرتاحة.
قفلت مع ثريا التليفون.
قعدت أفكر يا ترى ضميره أنبه لدرجة إنه عاقب نفسه بنفس الطريقة اللي أنتهت بيها حياة مراته.
بس في حاجة ثانية مش عارفة هي صح ولا لا، قدرة وميزة التخاطر اللي عندي، هل ممكن إني أكون نقلتله تأنيب الضمير والخوف والقلق والعذاب اللي فضلوا متملكين منه لدرجة إنه ما بقاش قادر يتحكم في إعصابه .
مش عارفة.
هو دلوقتي أخذ عقابه، ربنا يرحم أم ثريا.
………………….
الفصل التاسع
الساعة الأخيرة في البنك.
اليوم ده كان حر جداً، كان الصراف يامن خلاص نفذ صبره ،جهاز التكييف مش شغال، كان بلغ الصيانة بس محدش جه، كان ممكن يتعصر قميصه من كتر العرق اللي مغرقه.
ما فيش غير أربع أشخاص موجودين في البنك كل واحد مستني رقمه، ضغط يامن على زرار الرقم الجديد، إتحرك شاب عنده شنب كثيف ولابس نظارة واكله وشه، راح عند الشباك وحط شنطة سودة صغيرة عند الشباك وقال: الورقة لو سمحت.
أخذ الصراف يامن الورقة، كان الكلام مكتوب بخط وحش، أخذ يامن وقت عقبال ما عرف يقرأها، بدأ يفهم، كان مكتوب في الورقة رسالة فيها عدد من الأخطاء النحوية، بتقول الرسالة: أنا معايا مسدس، هو دلوقتي متوجه ليك، معايا إثنين موجودين في البنك هيضربوا بالنار أي حاجة تتحرك أو لو عملت أي صوت، إملا الشنطة السودة بفلوس من نوع ال 100 دولار.
بص الصراف يامن عشان يشوف قدامه وش مخيف قاسي، يمكن عينيه مش ظاهرة بس شكله مخيف.
بلع الصراف يامن ريقة بصعوبة ونادى بصوت عالي من غير ما يتحرك: أستاذ أسامة.
قرب أستاذ أسامة وهو رئيس القسم، ما كانش فاهم اللي بيحصل، مد الصراف يامن إيده بالورقة، كان في حالة ذهول ورعب، في اللحظة دي طلع الشاب اللي واقف المسدس وحطه قدامهم على الشباك، عشان يثبتلهم إنه بيقول الحقيقة، مسدس كبير.
أمر أستاذ أسامة إثنين موظفين إنهم يملوا الشنطة بالدولارات.
ما كانش عايز مشاكل، كان عارف إنه ممكن يكون المسدس ده مسدس صوت بس، بس في إحتمالية كمان إن يكون مسدس حقيقي، وساعتها مش هتنفع شجاعته.
أتملت الشنطة بالفلوس قفل الشاب سوستة الشنطة، حط المسدس في جيبه وقال: تقدر إنك تطلب البوليس أو تصوت أو تعمل اللي إنت عايزة بعد ربع ساعة، لو عملت حاجة قبل كده متلومش غير نفسك.
وبخطوات سريعة ساب البنك قدام عين راجل الأمن العجوز اللي قاعد في الضلة بيشرب الشاي، بعد كده قال رجل الأمن إن الشاب ركب عربية زرقا كان فيها حد مستنيه، والعربية طلعت بسرعة كبيرة ومشيت في الشارع الجانبي اللي جنب البنك، ما كانش يعرف نوعها ولا شاف رقمها.
لما جه البوليس إتأكد الصراف يامن، إن اللي قاله المجرم إن في إثنين من زمايله موجودين في البنك مش صحيح، بس هو ما كانش يقدر يغامر، وطبعاً اكتشفوا بعد كده إنها سرقة بسيطة وساذجة ودخلت عليهم، المبلغ اللي حصل عليه السارق كانت 100,000 دولار، وللأسف مفيش أي حاجة يقدر يتتبعها البوليس.
ضابط الشرطة: هل الدولارات اللي اديتهالهم كانت بأرقام متسلسلة؟